حصريا .. وقائع أول يوم لمجلس النواب !

 

 

 

بقلم احمد الشيخ

@ AEL_sheikh

 

مذيع التليفزيون المصري يجلس متخشبا مثل موظفي الحكومة في أفلام الأبيض وأسود .. يأخذا نفسا طويلا، ويرسم ابتسامة بلا معنى ويقول في حسم :

والآن إلى بث مباشر من مجلس النواب لنقل وقائع الجلسة الأولى وكلمة الرئيس محمد مرسي.

يدخل مرسي من باب القاعة وأمامه الكتاتني رئيس المجلس وأشرف ثابت وعصام سلطان الوكيلان، ينظر إلى الصف الأول من النواب فيجد زعيم المستقلين محمد العمدة وزعيم المعارضة نبيه الوحش و رئيس اللجنة الدينية الشيخ محمود شعبان، فيهمس في أذن الكتاتني : نجوم الفضائيات منورين القاعة !

يقف النواب تحية لمرسي فيرفع يده اليمني، ثم يشعر بحالة من عدم الارتياح بسبب نسيانه فك زراير البدلة فيفكها ثم يلوح لهم مرة أخرى فتشتعل القاعة تصفيقا، وترتفع أصوات التكبير والتهليل. اختلط هتافان آخران ولكن نظرة من حسين ابراهيم زعيم الأغلبية والقيادي في جماعة الاخوان المسلمين جعلت المرددين يبلعون ألسنتهم على الفور. يقول الهتاف الأول “حرية وعدالة المرسي وراه رجالة” والهتاف الآخر “حرية .. إيمان .. رجالة مرسي في كل مكان”. نظرة ابراهيم التي تعلمها من كمال الشاذلي تعني أن الفرحة باكتساح مجلس النواب لا تعني ابدا الاحتفال العلني في حضور كاميرات التليفزيون والصحافة الأجنبية.

يرتقي الكتاتني – رئيس مجلس النواب – ومرسي سلم المنصة ويتبوآن المقعدين الرئيسيين فيهمس مرسي في أذن الكتاتني مرة آخرى : “ما شاء الله سيماهم على وجووههم .. علامات الإيمان واضحت على وجوه النواب وده بيخللي فيه حالة ارتياح نفسية في القاعة”.

 

كلمة مرسي

بعد دقائق حان موعد كلمة مرسي قال فيها من ضمن ما قال : اخواني اخواتي .. احييكم جميعا تحية من عند الله مباركة .. وأهنئكم على اجتياز الفترة الماضية .. أعرف أنكم خضتم معارك انتخابية قوية وجئتم إلى هنا بإرادة حرة وتصويت نزيه .. ويعلم الله أن أطرافا كثيرة كانت تضغط من أجل إرجاء هذا الحدث الكبير ولكنني كنت عاهدت الشعب وعادت الله من قبله ألا أتراجع ابدا عن المضي قدما في العملية السياسية بما يضمن مكاسب الشعب والوطن والجماعة .. الجماعة الوطنية طبعا.. فيد الله مع الجماعة (برضه قصده الجماعة الوطنية) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تصفيق وتهليل وتكبير من النواب .. فهم بالفعل خاضوا معارك قوية .. في بعض الدوائر نافس فيها الاخواني أخاه من حزب الوسط .. وفي دائرة اخرى تصارع فيها السلفي من حزب النور مع أخيه من حزب الوطن فقد كانت الدوائر مقسمة بين الاخوان والسلفيين وأنصارهم بعد ان اختفى الليبراليون ودعاة التيار المدني في ظروف غامضة وتم توزيع بعض الدوائر على الاصدقاء من المستقلين والأحزاب الوليدة مثل حزب الوحوش ورئيسه الاستاذ نبيه الوحش، وكان شعاره الانتخابي “حوش حوش حزب الوحوش” !

خرج مرسي من البرلمان ومر موكبه على ميدان التحرير فإذا بعشرات الشباب يهتفون “باطل .. باطل” يقصدون مجلس النواب الذي لم يشاركوا في انتخابه وأقسم بعضهم بأغلظ الأيمان أنهم سيعتصمون في الميدان حتى تحقيق واحد من ثلاثة : حل مجلس النواب، أو حل جماعة الاخوان المسلمين أو فوز الزمالك بالدوري!

وعلى مقربة من ميدان التحرير وتحديدا في مقر حزب التجمع كانت جبهة الإنقاذ مجتمعة على مستوى الصف الثاني وكانت الخطب حماسية من قيادات يسارية وناصرية البعض يتهم الإخوان بتزوير الانتخابات ويطالب برفع دعوى أمام المحاكم الجنائية الدولية وآخر يطالب بمخاطبة الدول الكبرى الولايات المتحدة وروسيا والصين ويطلب منهم عدم الاعتراف ببرلمان فاقد الشرعية على حد وصفه، فيرد عليه ثالث قائلا ” أنت قلت الكلام ده في نفس المكان من عشرين سنة وما شوفناش إلا ابتزازا من امريكا وبلطجة من روسيا وإغراقا من الصين “!

 

ثلاثي أضواء الجبهة !

أما ثلاثي أضواء الجبهة فكان كل منهم في منزله، والشعور المشترك بينهم أنهم خرجوا من اللعبة تماما، فقد دعوا الشعب إلى مقاطعة الانتخابات فلم يستجب لهم أحد وجاءت نسبة المشاركة مشابهة لما كانت عليه خلال استفتاءات وانتخابات العامين الماضيين. نجحوا في إثناء الكثير من الشخصيات المهمة عن الترشح في الانتخابات ولكنهم فشلوا في منع كل المعارضين من المشاركة،  والمفارقة أن هؤلاء المعارضين دفعوا ثمن حسابهم على جبهة الإنقاذ ووصمهم بالمسؤولية عن العنف وعدم الاستقرار فخسروا الانتخابات لصالح أنصار التيار الإسلامي.

كان حمدين صباحي يجلس أمام المرآه وشعره غير مهندم على غير العادة يحدث نفسه قائلا “حتى الحامول انتخبت الاخوان المسلمين وابن الحاج عبد العاطي صباحي شعبيته اتدهورت .. اعمل ايه .. استغفر الله العظيم .. انا بافكر احلق شعري”.

وكان عمرو موسى يكتب آخر صفحة في مذكراته التي تحمل اسم ” ضد التيار .. ومعاه أحيانا” وقد احتار هل يقول إنه كان يؤيد المشاركة في الانتخابات ولكنه انصاع إلى رأي الأغلبية في جبهة الإنقاذ أم يقول إنه كان صاحب قرار المقاطعة لكن البعض لم يحسن رسم الاستراتيجية .. فانتهى إلى أن يترك هذه المسألة للقارئ يحسمها كيفما يشاء.

أما البرادعي فكان متمددا على كنبة مرتديا تريننج سوت وممسكا  آي فون في يده اليسرى يحاول أن يخرج واحدة من تويتات الآزمة وبعد ساعات من التفكير استقر على كتابة ” قمنا بثورة وأزحنا نظاما دمويا علشان ييجي برلمان زعيم المعارضة فيه نبيه الوحش .. هي طيارة النمسا الساعة كام ؟!”.

وفي مكان غير معلوم كان خيرت الشاطر في اجتماع مغلق مع مجموعة من أصدقائه المقربين جدا وغير المعروفين حتى لقيادات الجماعة، دار حوار مهم ولكن الجملة الأهم خرجت على لسان الشاطر قال فيها ” وده عايزينه في صورة قرار جمهوري ولا وزاري ولا قانون” ؟!

 

This entry was posted in Uncategorized. Bookmark the permalink.

Leave a comment